ظاهرة الإدغام لغةً واصطلاحاً

 ظاهرة الإدغام  

المقدمة

 

     الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسوله خاتم الأنبياء والمرسلين ، أمّا بعد:

      فإنّ ظاهرة الإدغام  تُعدّ إحدى الظواهر اللغوية البارزة لِما لها من دور في نطق الكلمات والمفردات. 

وقد اهتمّ القدماء و المحدثون بظاهرة الإدغام و ذكروا معظم ما يتعلّق بها و فصّلوا في تحليلها تفصيلا .

     الإدغام  لغة : هو (( الإدخال))[1] ؛ أي : إدخال شيء في شيء ، و (( أدغمتُ الفرس اللجام ، أي : أدخلته في فمه ))[2] . وأما اصطلاحاً : فهو (( رفعك اللسان بالحرفين دفعة واحدة ، و وضعك إياه بهما وضعا واحداً ولا يكون إلّا في المثلين والمتقاربين ))[3] . أي : إدخال حرفين ببعضهما ، و نطقهما دفعة واحدة مع تشديد في نطقهما و يحصل ذلك في النطق في الكتابة أو في كليهما .

      والأمر الذي دفعني إلى اختيار هذا الموضوع هو إظهار أهمية هذه الظاهرة ؛ لكونها من عناصر تسهيل نطق الأصوات والمفردات . 

---

  [1] لسان العرب ، ابن منظور (دغم) ، 12/ 203  . 

[2]  معجم روضة اللغة ، أحمد الخاني ، 2013 م ، ص 187 .

همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ، السيوطي  2 / 225   .  [3]

- الإدغام لغة :

       اللغة العربية غنيّة بمفرداتها الدالة في كثير من الأحيان على معان عديدة وكلمة الإدغام كذلك تأتي لمعان عدّة. والمعنى اللغوي لهذا المصطلح يسهّل فهمه كظاهرة مهمة في العربية.

            معنى الإدغام  لغة (( الإدغام  لغة : الإدخال ، يقال : دغم الغيثُ الأرضَ يدغمها : إذا غشيها و قهرها... والإدغام : إدخال اللجام في أفواه الدواب ، وأدغمَ الفرس اللجام : أدخله في فيه . قال الأزهري : إدغام الحرف في الحرف مأخوذ من هذا والإدغام إدخال حرف في حرف )) [1] .

- الإدغام  اصطلاحاً :

    مصطلح الإدغام عَرّفه الكثير من علماء الصوت والصرف ، والبعض منهم أطلق عليه أسماء أخرى ، سنتكلّم في هذه الفقرة عن مصطلح الإدغام و تعريفه و بيان مفهومه مستنداً إلى أقوال القدماء والمحدثين .

        ذكر الدكتور سامي عوض تعريفاً لمصطلح الإدغام ، وهو أنّ الإدغام عبارة عن إدراج الحرف الأول في الحرف الثاني والحرف الأول يسمّى مدغما والثاني مدغماً فيه . وفي الحديث عن تعريف الإدغام اصطلاحا ، اكتفى الدكتور محمد مالك بذكر قول الخليل بن أحمد الفراهيدي : (( اعلم أن الراء في اقشعرّ، و اسبكرّ هما راءان أدغمت واحدة في الأخرى والتشديد علامة الإدغام )) [2].

وقد عُرّف الإدغامُ بتعاريف أخرى أكثر وضوحاً ، منها ما جاء في كتاب (التطور النحوي) حيث يذكر أنّ الإدغام : عبارة عن اتحاد حرفين في حرف واحد مشدّد ، سواء أكان الحرفان متماثلين أو مختلفين[3] .

---

[1]  الإدغام  بين الخفة والثقل أسسه  والعوامل المؤثرة فيه ، الدكتور سامي عوض  و رائد منصور ، مجلة جامعة تشرين ، المجلد :26 ،العدد 2  (2004) ، ص 82 .

[2] الإدغام  بين الخفة و الثقل ، أسسه ،  و العوامل المؤثرة فيه ، الدكتور سامي عوض  و رائد منصور ، ص 82 .

يُنظر : التطور النحوي للغة العربية ، برجشتراسر ، تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب ، ط 2 ،   ص ٢٩ .   [3]

النتائج  

    في الختام و بعد إنهاء هذا العمل المتواضع الذي ركّز على وصف ظاهرة الإدغام عند القدماء و المحدثين و بيان ما يتعلّق بها من أمور عديدة ، توصّل البحث إلى نتائج عديدة ، منها :

١- الإدغام عبارة عن اتّحاد حرفين في حرف واحد مشدّد ، و قد يحدث الإدغام بين حرفين متماثلين أو بين حرفين مختلفين.

٢- هناك أسباب  عديدة لحدوث الإدغام  في اللغة العربية ،  لكن أهمها أنّ الإنسان حين يتكلّم يلجأ إلى التخفيف و التسهيل و إخراج الكلمة بأقل جهد ممكن .

٣- يتناول المحدثون ظاهرة الإدغام تحت هذا العنوان أو تحت عنوان المماثلة و يحدّدون الصوت المؤثر والمتأثر فيه بدقة .

٤- لقد اهتمّ القدماء و المحدثون كثيراً بهذه الظاهرة  ، و سلّطوا الضوء على معظم جوانبها ؛ لكنّ الإدغام  يبقى بابا مفتوحاً لجميع الباحثين كي يكتشفوا الجديد فيه و يناقشوا قضايا عديدة مرتبطة بها و يحلّلوا مفردات أخرى حدث فيها الإدغام .

٥- هناك علاقة قوية بين الدراسات الصّوتية و الدراسات الصّرفية  ؛ لأنّ أغلب التغيّرات الصّوتية تؤثر في البنية الصرفية ، و كذلك الكثير من التحوّلات الصّرفية تنتج أصواتاً أو تمنحها خصائص جديدة .

و أخيراً ، فإنني لا أدّعي الكمال و لا أبرّيء نفسي من الخطأ ، حاولت قدر المستطاع أن أضيف شيئاً مفيدا إلى موضوع، الحمد لله الذي وهبني الصبر و العزيمة في كتابة هذا الموضوع.